تقليص الصراع" التي صكها ميخا غودمان في كتابه "مصيدة 67" (ح3)

تقليص الصراع" التي صكها ميخا غودمان في كتابه "مصيدة 67" (ح3)

  • تقليص الصراع" التي صكها ميخا غودمان في كتابه "مصيدة 67" (ح3)

افاق قبل 2 سنة

تقليص الصراع" التي صكها ميخا غودمان في كتابه "مصيدة 67" (ح3)

 اعداد وتقرير المحامي علي ابوحبله

 

مفهوم "تقليص الصراع" الذي يفترض أنه ابتدأ منذ عهد بينيت ينطلق من مبدأ أن الدولة الفلسطينية لن تقوم وأنها ليست مشروعا قابلا للتطبيق تاريخيا، وهنا  لا بد من التدقيق بين المفهوم النظري لتقليص الصراع الذي صاغه غودمان وبين مفهومه السياسي لدى بينيت وائتلافه الحكومي. ويذكر في هذا الصدد أن غودمان مستوطن يسكن في مستوطنة "أدوميم" الواقعة في وادي القلط بالقرب من شارع ألون الذي يعتبر أهم الشوارع الاستعمارية التي قسمت الضفة الغربية إلى قسمين.

غودمان ينطلق من فرضية يطلب أن لا نجادل فيها واعتبارها مسلمة، تقول إن هناك تصدعا كبيرا داخل إسرائيل بين اليسار واليمين، حيث يدعي اليسار أن البقاء في الأراضي المحتلة يشكل تهديدا لإسرائيل من خلال فقدان الأغلبية اليهودية وتحويلها إلى أبرتهايد وعزلها عالميا، واليمين يقول إن انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة يشكل تهديدا لأمن إسرائيل ويفقدها القدرة على الدفاع عن وجودها بعد أن تتحول الضفة إلى "مزرعة لإيران"، على حد تعبيرهم، وهو يستحضر مثال غزة وصواريخها.

بمعنى أن كل من اليسار واليمين لديه أسبابه للبقاء أو الانسحاب من الضفة وأنه سيترتب على ذلك تبعات ليس لدى أي منهما أجوبة عليها. هنا يقدم غودمان حلا توافقيا هو "تقليص الصراع" الذي يخفف الاحتكاك مع الفلسطينيين إلى الحد الأدنى، ويعطي الفلسطينيين شعورا بأنهم يعيشون لوحدهم بحرية.

غودمان يقول لماذا يجب أن أضع لهم حواجز وكاميرات وأتحكم بحركتهم واقتصادهم؟ ولماذا لا أرفع كل هذه القيود وأجعل الفلسطيني يسافر من جنين إلى الخليل دون أن يواجه حاجزا إسرائيليا أو يصطدم بجندي أو حتى مستوطن إسرائيلي؟ وهو يعتمد بذلك على مخططات هندسية سبق أن وضعتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ويتحدث عن فتح "ترمنال" للفلسطينيين في مطار بن غوريون تختصر معاناة السفر إلى الخارج عبر إنشاء قاعة مغادرة في قلقيلية يجري فيها فحص جوازات السفر، ثم تقوم حافلة بنقل المسافرين إلى باب الطائرة في المطار.

كما يتحدث عن خطوات اقتصادية وإجرائية واسعة من هذا القبيل تهدف إلى "تقليص الصراع"، وإخفاء الاحتلال ومظاهره السافرة ومنح الفلسطينيين الشعور بأنهم يعيشون بحرية في حيزهم الجغرافي، وذلك دون إنهاء السيطرة الأمنية والسياسية والاقتصادية الإسرائيلية على الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

ينطلق غودمان لفكرة تقليص الصراع الذي يدعي أن الصراع هو صراع أبدي لن ينتهي ويجب صياغة كيفية التعامل معه، من منطلقين؛ الأول يتمثل بنظرة استشراقية تتعامل مع الفلسطينيين بدونية لا تشكل مفاهيم الحرية وتقرير المصير بالنسبة لهم قيما عليا على غرار الغرب الأوروبي.

المنطلق الثاني هو انتمائه للصهيونية الدينية وللتيار اليميني الديني الاستيطاني، وهو لا يقدم حلا توافقيا كما يدعي بل حلا يسعى إلى تأبيد السيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 من خلال تسهيل تعايش الفلسطينيين مع الاحتلال وتجميل واقع الأبرتهايد.

ان التوسع وضم الأراضي، تمثل حالة دينية في الرواية والخيال الصهيوني لليمين خاصة، وذلك لا يستقيم مع حل الدولتين، ولذلك فإن "تقليص الصراع" يحل هذا المأزق بنظرهم.

بينيت أيضا أكثر صراحة من نتنياهو؛ فهو يقول لن تقوم دولة فلسطينية ولن نفاوض السلطة الفلسطينية. وبهذا المعنى، فإن مفهوم تقليص الصراع يوفر له دوام الالتزام بمواقفه تلك، من حيث لا يستدعي انسحاب ومفاوضات، بل جملة خطوات إجرائية صغيرة، لا تغير من جوهر السيطرة والسيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وحتى مواصلة الاستيطان وتوسيعه، مقابل منح الفلسطينيين مجرد شعور بأنهم يعيشون في فضاء جغرافي مستقل وخاص بهم.

الحديث حتى لا يجري عن فك ارتباط على غرار قطاع غزة، بل عن انتقال التحكم والهيمنة الإسرائيلية من مستوى مباشر ومكشوف إلى مستوى مبطن وغير مباشر، ولكنه أكثر تحكما، وهو نمط لا يثير العالم وينسجم مع الإدارة الأميركية ويحفظ سلامة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي.

 

 

التعليقات على خبر: تقليص الصراع" التي صكها ميخا غودمان في كتابه "مصيدة 67" (ح3)

حمل التطبيق الأن